مفاتيح السعادة … (في دائرة النقد والتوجيه )

.
.
.

ناموا مبكرين .. لتستيقظوا مبكرين وإلا ستحرمون من الرحلة غداً ..
هذه كانت جملة الوالد وبلهجة صارمة لاشك فيها ..

خططت أنا وأخي الأكبر للرحلة الترفيهية الأسبوعية التي سيسعد بها الأطفال كثيراً
و ما كان منا إلا إن استيقظنا صباح يوم الأثنين فرحين مسرعين وعلى أتم الاستعداد للرحلة الممتعة ..

و الأطفال ومنذ أن استيقظوا بدؤا يتساءلون: متى وأين سنذهب ؟

الجميع على أهبة الاستعداد إلا الوالد ، يخرج من هذه الحجرة ويدخل إلى تلك كأنه يبحث عن شيء ما !؟
ما به ؟؟ تلاقت نظراتي بنظرات أخي متسائلة

لأول مرة الوالد يبحث عن شيء فقده في صمت ودون إزعاج … و هذا لم نعهده منه !!

عندما سيفقد الأمل في البحث سنسمع صوته حتماً وسيلجأ إلينا بلا شك لأنه أبداً ما وجد شيئاً فقده بنفسه .. هكذا قال أخي مبتسماً في خبث بريء

_ خولة ، ألم تشاهدي مفتاح سيارتي الكبيرة ومعها مفاتيح أخرى هامة ؟؟ .. أخيراً استسلم الوالد و لجأ إلينا ..
_ لا يا أبي
_ وأنت يا الحبيب ..؟! << يسأل أخي ..
_ لا يا أبي
_ أكيد هذه سارة المجرمة التي تأخذ المفاتيح وترميها في سلل القمامة .. قالها أبي وهو ينظر غاضباً إلى أختي الصغيرة ذات السنتين ونصف ، و لكنه غير النظرة الغاضبة سريعاً إلى نظرة حانية متكلفة لأنه يعلم أن الغضب لا ينفع مع سارة فلابد من المدارة حتى يحصل على ما يريد ..

_ سارة حبيبتي أين مفتاح بابا ؟؟
هزت سارة رأسها ومطت بوزها بلا أدري
_ أنا متأكد إنها هي برغم إنكارها …طالعة على أمها ، أم الدواهي ..

_ حرام عليك لا تتهمها بالباطل ، المسكينة تحرك رأسها أنها لا تعلم … قالتها أمي تدافع عن سارة ..
_ بل هي فمن يدخل حجرتنا غيرنا أنا وأنت وهي ؟!

أنا وأنت طبعاً لا ، أكيد هي المتهمة التي أضاعت مفتاحي ..

هيا إلى ماذا تنظرون ، هيا ابحثوا معي …

ضحكنا جميعاً على أبي الذي فقد أعصابه بسبب المفاتيح و أراد أن يخرج غيظه فينا وتحولنا جميعاً إلى باحثين عن المفاتيح الضائعة ..

بعد أن بحثنا جيداً في جميع الغرف والأمكنة التي من الممكن أن تكون المفاتيح فيها استسلم والدي .. وطلب من والدتي المفتاح الاحتياطي المخبأ عندها للطوارىء..

_ أنت أخذته بالأمس .. قالت أمي
_ أها صحيح صحيح آسف ..أين ذهب هذا أيضاً

بدأ البحث عن المفتاح الثاني وأيضاً الاتهامات اتجهت إلى سارة الصغيرة التي كانت تنظر بكل براءة وتضحك ولا تعي التوتر الحاصل في البيت بسبب ضياع المفاتيح ..

_ هذا لا يعقل أكيد في البيت جن وشياطين هواياتهم جمع المفاتيح …
برغم التوتر الذي كان يغلف الجو المتكهرب في هذه اللحظات ضحك الجميع على قفشة أبي و التي يلقيها بين الحين والآخر ضمن قفشاته الممتعة ..

بعد البحث الطويل ألغى أبي الرحلة وخرج مع أمي في السيارة الصغيرة لقضاء بعض الحاجيات مع خيبة أمل شديدة أصابت كل من في البيت ..

تحمسنا أنا وأخي للبحث الدقيق قبل أن يفلت الوقت لكي نجد المفتاح ثم نجبر الوالد على الخروج

وبما أن الاتهامات كانت تكال لسارة المسكينة فقد ساورنا الشك بها أيضاً ..

بدأنا بسريرها المسكينة ..
ولأنها تحتفظ بأشيائها تحت وسادتها .. ظناً منها أنه المكان الآمن و الأنسب لحفظ الأشياء الثمينة و الحلويات ..

سارعت بقلب الوسادة .. وخاب ظني فلم أجد سوى نصف درهم هي آخر مدخراتها الثمينة ..
أمسكت اللحاف أحركة .. لم أجد شيئاً ..

قمنا بعملية البحث مرة أخرى في جميع الأماكن وحتى دورات المياه لم نتركها فلم نجد شيئاً ..

و خيم اليأس والقنوط على جميع أخوتي وأخواتي إلا أنا ..

قلت بإصرار و عزيمة : سنذهب يعني سنذهب وسأجدها بإذن الله..بحثت حتى نفذ صبري ..
فجلست أتأمل الغرفة التي كنا جلوس فيها ..
انظر يميني و يساري فوقي تحتي كالمجنونة .. قلت في نفسي " لعل الله لم يكتب لنا الخروج في هذا اليوم "

جلست إلى الكمبيوتر مستسلمة للأمر ومددت يدي لأفتح جهاز الحاسوب فإذا بعيني تقع على شيء معلق بجهاز الحاسوب ..
شيء أعرفه جيداً ..

آه .. صرخت .. وجدت المفاتيح وجدت المفاتيح …

المفاتيح متعلقة بـ " فلاش ميموري " المعلق في الجهاز … الوالد هو فقط من يعمل بهذا الفلاش ..

وفجأة دخلت الخادمة الغرفة تحمل في يدها المفتاح الاحتياطي وجدتها في جيب دشداشة الوالد ….

ضحكنا أنا وأخوتي كما لم نضحك في حياتنا على الوالد ومقالبه مع النسيان …

اتصلت به وقلت كم تعطيني إذا حصلت على المفاتيح ؟
قال : شيك على البياض
فأخبرته عن المفتاحين وأين وجدناهما فأخذ يضحك ويضحك
ثم قال ضاحكاً : يبدو يا ابنتي أن والدك أصبحت صلاحيته منتهية ، و يريد زوجة أخرى لتعيد له صلاحيته ..
و إذا بي أسمع صوت الوالدة من الطرف الآخر يقول : ماذا قلت ؟؟
أعد علي ما قلته !
أقول : أن زوجتي المصونة أنتِ هي من ستعيد لي نشاطي و صلاحيتي ..
_ أهاا ظننتك قلت شيئاً آخر
_ لا لا و هل أجرؤ ..

ضحكت من قلبي على الانسجام والمحبة التي بين والدي حفظهما الله وتسعدني دائماً مناوشتهما اللذيذة الممتعة

كان موقف " المفتاح " متوتراً ولكنه كان جميلاً و لطيفاً ..
فقد عدنا إلى الإستعداد للرحلة بهمة و سعادة أكبر ..

وتوتة توتةوخلصت الحدوتة
.
.
.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.