بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله وسلم على خير الأنام وسيد الخلق أجمع إمامنا وحبيبنا وقدوتنا وشفيعنا محمد صلى الله عليه وسلم.
أيها الإخوة والأخوات: أستسمحكم عذرا منذ البداية على هذه النظرة السلبية لواقعنا ومجتمعنا والله يشهد أن هدفي ليس تعميق الجرح وإنما محاولة مني -بكل تواضع – أن نضع اليد على الجرح ليتسنى لنا الانطلاق من دون خوف أو تردد أو تراجع أو استسلام مهما كانت قساوة الإنسان والطبيعة ..
إخواني أخواتي:
بين الأمس واليوم مسافة لا يستطيع تقديرها إلا من ذاق مرارته واكتوى بنارها.. تتسارع الأحداث بوثيرة جد مرتفعة لتجعل منا ألعوبة بيد الآخر ..هي الحياة نحياها على طريقتهم ، هو الواقع نعيشه ونتعايش معه كما رسموه واختاروه لنا ..أوصل بنا الذل والهوان إلى أن يكونوا السادة ونحن العبيد؟؟؟
فإلى متى سنظل نغازل الماضي ونبكي الحاضر ونخاف المستقبل؟
إلى متى سنظل نبكي المجد الضائع بين دروب التاريخ؟ ( على اعتبار أننا نتفنن في استعمال وتوظيف الفعل الماضي كان : كان عندنا صلاح الدين و.. وكان عندا ونسينا أو تناسينا بأن لكل زمان ومكان رجاله وتاريخه فما الذي سنتركه وراءنا نحن ..ماذا ستقول الأجيال القادمة عنا.. ولنتذكر قول الشاعر:
من عاش ومات غير مخلد أثرا فكأنما لم يولد)
إذن إلى متى سنظل نتهرب من الحاضر ونخاف المستقبل؟؟ إلى متى؟؟؟
بالله علينا لماذا نعيش إذا كنا لا نستطيع تحمل أبسط المسؤوليات؟ وهنا استحضرت قولة لفيلسوف الأنوار جون جاك روسو حيث يقول:" فليس العيش أن نتنفس ونحن رقود ، ولكن العيش أن نعمل وأن نستعمل كل أعضائنا وقوانا وحواسنا ، وكل ما يجعلنا نشعر بأننا نعيش، وليس أطول الناس عمرا أكثرهم في السنين عددا بل أطولهم عمرا أشدهم للحياة إدراكا وأكثرهم بالحياة شعورا وإحساسا"
أعود لأقول لماذا هذا التقهقر والعودة إلى الوراء في أبشع صورة؟
أتساءل وربما لست وحدي من يطرح هذا التساؤل ..ما الذي ينقصنا بالضبط ؟هل الرغبة ؟ أم العزيمة أم الإرادة أم الطموح ؟ أم الرؤية المتبصرة كما يقول الدكتور المهدي المنجرة" التصور هو ما يغيب عنا ( أي ما نريد أن نكون في المستقبل).
لماذا بعنا كل شيء مقابل لا شيء؟ وتنازلنا عن قيمنا السامية إرضاء لنزوات شخصية ضيقة ستدمرنا لا محالة إن عاجلا أو آجلا.. نعم إن أزمتنا في العالم الإسلامي اليوم كما يقول الدكتور المنجرة سواء أكانت سياسية أو اقتصادية أو أخلاقية هي بالأساس أزمة استبصار، فليس هناك استبصار عند المسؤولين، ليس هناك رؤية، الرؤية الوحيدة الموجودة اليوم هي كيفية البقاء في الحكم ، والمحافظة عليه" بالإضافة إلى هذا أرى من وجهة نظري المتواضعة جدا أن المسؤولية نتحملها جميعا ومن دون استثناء فالحاكم يتحمل المسؤولية بجبروته وتسلطه واستبداده والمحكوم يتحمل نصف المسؤولية بانصياعه واستسلامه وصمته حتى عندما تداس كرامته في أشع صورة..
أيها الإخوة ولأخوات : هل هناك حل واحد ؟ أم داخل الوحدة يوجد التعدد؟ لماذا نعلن ونتراجع من دون مبرر أو سبب كاف؟ التحدي يعني قبول الصعاب وتخطي الأشواك، البقاء يعني" الرضا" والخضوع والاستسلام..
أعزائي: إلى متى سيظل زمن الإحباط جاثما فوق عقولنا بل وفوق واقعنا ومجتمعنا؟ لم حياتنا كلها خلف الستار؟ لما نداءاتنا يقابلها صمت رهيب ومرهب؟
لكن رغم سوداوية الحياة وكثرة المحبطات والعراقيل الداخلية والخارجية فعندما سنعلن عن التحدي ونرفع شعار الانتصار ويتحمل الكل مسؤوليته، آنذاك يصبح الحلم حقيقة والخيال واقعا..
مع متمنياتي أن أرى أمتي أمة أخرى تتكلم لغة الديمقراطية لغة الحرية والحوار التفاهم أي لغة الانسجام بين الحاكم والمحكوم بين الأب والابن بين الزوج والزوجة بين المتعلم والمعلم بين الكبير والصغير بين الفقير والغني بين القاضي والمتهم ..بين هذا وذاك..في انتظار هذا اليوم أقول لنفسي أولا ولكم ثانيا يا قادة التغيير بإمكاننا أن نتقدم وننطلق نحو الأمام إذا ما حاول كل واحد منا أن يلتزم مع ربه أولا ومع نفسه ثانيا ومع مجتمعه وأمته ثالثا..وفي هذا الالتزام ستكون الانطلاقة الحقيقة إن شاء الله تعالى …
على أمل اللقاء بكم في فرصة ثانية بموضوع حول الثقة بالنفس على اعتبار أنها سر من أسرار الانطلاقة الحقيقة والفعالة أترككم مع بعض الأقوال والحكم من أجل التحفيز على الانطلاقة المنتجة:
إذا وقعت سبع مرات فقم ثمانية حكمة يابانية
القرار السليم يأتي من الخبرة التي تأتي من القرار السيئ حكمة صينية
فكر ببطء ونفذ بسرعة مثل يوناني
إن الأشياء التي يجب علينا أن نتعلمها لا نتعلمها إلا عندما نفعلها أرسطو
من لا يتقدم يتقادم ، إن نجاح الأمس ليس ضمانا للناجاح في المستقبل د/ سيد الهواري
الشخص المتفوق شخص متواضع في حديثه ولكنه متفوق في أفعاله كونفشيوس
المرء حيث يضع نفسه فإذا أعزها علا أمرها وإذا أذلها ذل وهان قدره عمرو بن العاص
افعل كل يوم أكثر بقليل مما تعتقد أن بإمكانك فعله لويل طوماس