تخطى إلى المحتوى

تربـويـون: غياب مجالس الآباء يضــــــر بالعملية التعليمية

  • بواسطة

طالب مديرو مدارس بتغيير لائحة السلوك الطلابي، بحيث تراعي الجوانب التي يتحمل الآباء نتيجتها، لافتين إلى أن تفكك الأسرة وغياب الرقابة الأبوية، كانا سببا في ضعف التحصيل الأكاديمي لكثير من الطلاب.

وقال تربويون إن قرار حل مجلس الآباء للمناطق التعليمية في أبوظبي، أضعف الدور الأسري في العملية التربوية، مشيرين إلى أن مجالس الآباء في المدارس لم تحقق النتائج المرجوة منها، نتيجة لعدم قدرتها على استقطاب الجزء الأكبر من آباء الطلاب.

وفي المقابل، عزا آباء تغيبهم عن الأنشطة التي تنظمها المدارس، إلى أنها تختار أعضاء مجالسها عشوائيا، أو وفق مزاج خاص، مستغلة عدم وجود مراقبة حقيقية من الجهات التربوية، وغياب اللوائح التي يفترض بها أن تنظم هذا الدور.

وتفصيلا، قال نائب مدير منطقة أبوظبي التعليمية نبيل الظاهري إن العام الجاري لم يشهد انشاء مجالس آباء، بسبب عدم وجود قرارات تنظم تشكيلها، أو تلزم آباء الطلاب بالانضمام إليها. وأضاف أن نسبة تواصل الآباء مع المدارس تتفاوت من مدرسة الى أخرى، الأمر الذي يعني عدم إمكان تحديد نسبة لمشاركتهم في الأنشطة الاجتماعية التي تنظمها مدارس أبنائهم.

ولفت الظاهري إلى أن الطالب لا يستطيع التقدم علميا من دون وجود دعم من الأسرة، ومتابعة مع المدرسة، مشددا على ضرورة التكامل بين الأدوار باعتباره شرطا أساسيا لتحقيق التفوق، مشيرا الى أن الأب مسؤول عن تراجع ابنه، كما أنه مسؤول عن سلوكه.

كما طالب بإعادة دور الأسرة المحوري، إلى ما كان عليه سابقاً، من خلال توعية الآباء بأهميته في العملية التعليمية، وإشراكهم في لائحة السلوك الطلابي، لخلق بيئة تربوية صحية.

وتلاحظ مديرة مدرسة القادسية للتعليم الثانوي سهيلة خلفان المحيربي تراجع دور الأسرة، بنسبة تصل الى ٪،30 لافتة الى أن «معظم الآباء لا يعلمون عن مستويات أبنائهم التعليمية شيئا». وهي تعزو ذلك إلى أسباب عدة، مثل تزايد المشكلات الأسرية، وتأثير وسائل الإعلام والقنوات الفضائية السلبي في قيم المجتمع.

لائحة السلوك
وقالت إن لائحة السلوك الطلابي صدرت قبل 12 سنة، ولم يطرأ عليها أي تغيير منذ ذلك الوقت، على الرغم من ظهور مشكلات جديدة غير متضمنة في اللائحة.

وأضافت أنها لا تعاقب الآباء نتيجة السلوك السيئ للأبناء، مطالبة بتغيير لائحة السلوك الطلابي ووضع لوائح جديدة تعاقب الآباء وتزيد من صلاحيات المدارس، مشيرة إلى أن الفترة الأخيرة ونتيجة للغياب الكامل لدور الأسرة ظهرت سلوكات غريبة في المدارس مثل تشبه البنات بالأولاد.

وتؤكد المحيربي أن اعتقاد بعض الأهالي بأنهم مسؤولون عن أبنائهم ماليا فقط، وأن المدرسة هي الجهة الوحيدة المسؤولة عن تعليمهم، أضعف شعورهم بالمسؤولية تجاه أبنائهم، وخلق لديهم حالة من اللامبالاة.

ويحذر مدير مدرسة النهضة الوطنية الخاصة عدنان عيسى من ظاهرة خطرة، هي ترك الآباء مسؤولية متابعة الأبناء للخادمات، لافتا إلى أنه بدأ يلاحظ تنامي هذه الظاهرة في الآونة الأخيرة.

وأكد عيسى أن دور الأسرة في العملية التعليمية لا يقل أهمية عن دور المدرسة، باعتبارها أقدر على اكتشاف قدراتهم وتوجيههم علميا وفق إمكاناتهم العقلية والذهنية، فضلا عن كونها محور التربية والتنشئة الصالحة، مشـيرا إلى أن هناك تراجعا واضحا في اهتمام الأسر بأبنائها تعليميا ومتابعتهم في مدارسـهم. ويضـيف أن «بعض الآباء يعللون تقصيرهم تجاه أبنائهم بالنواحي المالية، ولكن هذا عذر غـير مقبول نهائيا».

أما عن مشاركة الأسرة في الأنشطة الاجتماعية للأبناء، فيقول إنها ما زالت دون المستوى، عازيا ذلك إلى أن كثيرا من الآباء لا يدركون أن مشاركتهم لأبنائهم في الأنشطة الاجتماعية، تنعكس إيجابا في أدائهم الدراسي والنفسي.

ويعرب عيسى عن رفضه للذرائع التي يسوقها بعض الآباء، لافتا إلى أن الأسرة قادرة على التواصل مع المدرسة عبر أكثر من وسيلة، فهناك البريد الإلكتروني، والاتصال الهاتفي، والحضور ولو مرة شهريا للوقوف على مستوى الأبناء والاطمئنان عليهم دراسيا.

متابعة
وبدوره، أكد مدير مدرسة أكاديمية الخليج الدولية الخاصة فهيم الخماسي، أن معظم الطلاب المتفوقين يقف وراء تفوقهم دعم أسري قوي، ومتابعة حثيثة من ذويهم، بهدف توجيههم ودعمهم دراسيا.

ويقدر نسبة الأسر التي تشارك أبناءها في الأنشطة الاجتماعية بنحو ٪،30 لافتا الى أن هذه النسبة دون المستوى المأمول بكثير.

ويتعجب الخماسي ممن يجلس في المقهى بالساعات ولا يجد وقتا ليجلس مع أبنائه بضع دقائق. ويؤكد أن الأسرة أحق بالمبادرة بالتواصل مع المدرسة، لمعرفة مستوى أبنائها، وسلوكهم، وأصدقائهم، قبل أن يبلغوا مرحلة يصعب معها إعادتهم إلى الطريق القويم.

أما مديرة مدرسة الظفرة إلهام العبد، فتشير إلى اعتقاد بعض الأسر بأن المسؤولية التعليمية تقع على عاتق المدرسة وحدها، وأن مسؤوليتها تجاه أبنائها قاصرة على الجانب المالي.

ولهذا، تلقي أسر باللوم على المدرسة، في تراجع مستويات أبنائها الدراسية. ومع أنها لا تستبعد أن يكون هناك تقصير من جانب المدرسة، فهي ترفض أن تكون الجانب الوحيد المسؤول عن تراجع مستوى الطالب.

وترى أن الأسرة مسؤولة عن تقويم أبنائها تعليميا ومتابعتهم في المدرسة، من خلال التواصل مع المعلمين وإدارة المدرسة للوقوف على جوانب القصور لدى أبنائها، ومعرفة مدى تقدمهم واستجابتهم للعملية التعليمية، لخلق بيئة تعليمية صحية تسهم في الارتقاء بالطالب.

وتلفت العبد إلى خطورة تخلي الأسرة عن مسؤوليتها التعليمية، وتركها للخادمات، لافتة إلى أن ذلك يؤثر سلبا في الأبناء، ويضعف شعورهم بالبيئة الأسرية الصحية التي يحتاجونها من حولهم، باعتبارها مقوما مهما من مقومات نجاحهم.

وتؤكد أن الدور التعليمي للأسرة تراجع بشكل ملحوظ بسبب عوامل عدة. لكنها تشدد على ضرورة عودة الأسرة الى دورها الريادي في متابعة الأبناء والاطمئنان عليهم تعليميا والتواصل مع مدارسهم، للوقوف على مستوياتهم ودعمهم تعليميا.

وعن الدور الأسري في العملية التعليمية تقول الباحثة الاجتماعية مريم الفزاري إن التعليم جزء من ثقافة التربية والتنشئة الصحيحة للأبناء، لافتا إلى أن الأسرة هي المنبع الأول الذي يستقي منه الأبناء المعلومات والقيم. وانطلاقا من هذا التصور فما تهتم به الأسرة يهتم به الابن، فإذا اهتمت به تعليميا سيكون مهتما هو بالتعليم وتحصيل العلم، وينعكس اهتمام الأسرة طرديا على الابن. ولهذا، يجب أن تلعب الأسرة دورا محوريا في الاهتمام والتركيز على التعليم مقوما رئيسا لنجاح الأبناء في مستقبلهم، فإذا ما تم التعاون بين الأسرة والمدرسة وجدت البيئة المناسبة للعملية التعليمية.

وترى مريم أن الأسرة تخلت عن أداء دورها التعليمي، ولم تعد تشارك أبناءها في أنشطتهم التعليمية، وتتواصل مع المدرسين لمعرفة مستوياتهم في المواد المختلفة.

ولا يقف دور الأب أو الأم عند اللوم أو التعنيف للأبناء، عند تراجع مستوياتهم الدراسية، بل يجب عليها أن تحاسب نفسها على هذا التراجع.

غياب
من جانبه، يؤكد محمد الحوسني، والد أحد الطلاب، أن مدارس كثيرة أسهمت في غياب الآباء عن المدارس، من خلال عدم إشراكهم في مجالس الآباء، وقصرها على أشخاص محددين. وتابع أن المدرسة لم تعد تتصل بوالد الطالب، إلا إذا ظهرت مشكلة كبيرة.

ويقول إن اهتمام الأسرة بالطالب ومتابعته فى مدرسته وتوجيهه تعليميا، وتحقيق التواصل بين البيت والمدرسة، يخلق بيئة تكاملية تنعكس على مدى تقدم الطالب دراسيا وتفوقه.

ويشاركه الرأي أحمد صديق الذي يقول إنه لم يتلق من المدرسة سوى اتصال واحد لتسلّم نتيجة ابنه، لافتا الى أنه لم يعرف مستوى ابنه خلال السنة. وتساءل عن طبيعة عمل مجلس الآباء الذي لم يسمع به طوال وجود ابنه في المدرسة.

ورأت «أم جمال» أن المدارس تستطيع إلزام آباء الطلاب بالمشاركة في أنشطتها، من خلال توجيه دعوات جادة لهم، تذكرهم فيها بالدور المناط بهم في العملية التربوية.

الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.