تخطى إلى المحتوى

الملتزمون والإنترنت"وسيلة تحولت إلى غاية المنتديات مثال على ذلك"

أنعم الله علينا بهذه الشبكة العنكبوتية العجيبة، وفيها من الخير الشىء الكثير لمعاشر الملتزمين؛ كتيسير طلب العلم، والوصول بالدعوة إلى مواطن لم تكن تبلغها قبل ذلك، ومعرفة الواقع والاطلاع على كل جديد، وسعة الأفق وتثقيف النفس…
إلا أن هذه الشبكة لابد أن تظل وسيلة كغيرها من الوسائل كما قدمنا الكلام؛إذ من المفترض أن فوائدها التي أشرنا إليها توصل العبد إلى رضا مولاه…

و الجميع يعلم أن المنتديات من المجالات التي حصل منها الملتزمون كثيرًا من النفع، كفتح مجال الحوار، والمذاكرة العلمية، والدعوة إلى الله…
وكان من المفترض أن تظل هذه المنتديات في وضعها الطبيعي لاتتعدى كونها وسيلة إلى إلى تحصيل رضا الله-عز وجل-

ولكن اختلط الأمر عند كثير من رواد هذه المنتديات، وتحول دخول المنتديات من كونه وسيلة إلى غاية في حد ذاته
فحصل من ذلك العجب العجاب، وسلك بعض رواد المنتديات مسالك هي أقرب إلى سخط الله من إرضائه، فضاعت الغاية من هذه الوسيلة، وظهر ذلك جليًا في عدة آفات، منها:

ـ ضياع المنهجية في طلب العلم:
وقلة القرأة، وتوقف السلم العلمي المنهجي المتدرج، فبعد المنتديات لا يوجد لطلب العلم أوقات فيتحول طلب العلم إلى مجرد قرأة مجموعة من المقالات، والدخول في بعض المناقشات، وكتابة بعض المشاركات…، ولاترى تأصيلاً عميقاً، أو حفظاً متيناً، أو انتهاءً من مادة، أو ضبطاً لكتاب، أو إحاطة بمسألة، وإنما هي مجموعة من النتف ومع ذلك يظن أنه بلغ الغاية في طلب العلم!!!

ـ ضعف الدعوة في واقعنا الذي نعيشه:فبعد الجلوس على المنتديات سُرق الأخ من مجتمعه الذي كان يتحرك فيه، وعلى الرغم من أن الدعوة والتواجد على الشبكة مطلوب إلا أن الأمر يحتاج إلي توازن بين دعوة الواقع ودعوة النت، ولعل من أسباب عزلة بعض الإخوة عن الواقع وانغماسهم في النت أن دعوة الواقع تحتاج إلى صبر ومجاهدة ومتابعة واحتكاك…، أما الدعوة على الشبكة فما أيسرها على النفس مقارنة بدعوة الواقع، فبعد أن كان الأخ يجاهد في واقعه ومجتمعه استسهل دعوة النت وانغمس فيها أوقاتا طويلة!
فلنحذر من تحول الأمر إلى هوى وهروب من ضغط الواقع…
فنحن ما زلنا نحتاج في واقعنا إلى الدعوة الفردية، وتربية الكوادر، وتعليم العامة، وموعظة الغافلين، وخطبة الجمعة…
فأين الإخوة حملة الراية؟؟

ـ غياب الربانية:
فبعد الجلوس على النت ودخول المنتديات صارت المجادلات بالأوقات الطوال، مع ما فيها من حدة أسلوب، وقسوة قلوب، فينسي الإنسان ما تعلمه من أخلاق، وتقل عبادته، ويكثر كلامه، ويقل عمله، ويقسو قلبه، وتجمد عينه، ويهجر مصحفه، ويضيع خشوعه لأنه وهو في صلاته يجهز الرد على فلان وإفحام علان!!، ، فلا عبادات ظاهرة، ولا أحوال قلبية باطنة، ثم نزعم أننا ننصر الحق!!

ـ الوقوع في المعاصي الظاهرة:
فبعد أن طال الأمد على الأخ الملتزم صار يستهين بسماع بعض مقاطع الموسيقى بحجة سماع الأخبار!، وينظر إلى صور المتبرجات في المواقع، ويتكلم بكلام رقيق مع فلانة بحجة حسن الخلق!، بل ربما تعدى الأمر إلى ما هو أسوأ من ذلك، مع أن الأخ في بداية دخوله على الشبكة كان يستعظم مثل هذه الأمور، ولكن… تحولت الوسيلة إلى غاية فحصل الخلل ووقعنا في الزلل…

وليس العلاج أن نهجر الشبكة العنكبوتية، وإنما المقصود من هذه الإشارة أن نفهم أن هذه الشبكة ما هي إلا وسيلة من وسائل إرضاء الله-عز وجل- فينبغي أن تظل كذلك، وإنما يكون ذلك بإخلاص النية، والموازنة بين الواجبات، وعدم إعطاء النت أكبر من حجمه، والالتزام بأحكام الشرع في ذلك كله، ودوام محاسبة النفس ومراقبتها والوقوف معها كل فترة لمراجعتها وتقويمها…

منقول

الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.