كل مسافات العمر، ودروبه الممتدة تختصره تلك التقاسيم التي نحتها الصبر، والخبرة، والتجربة في وجهها حنيناً لا ينتهي، وسئماً من حياة لا تشبه قديمها الذي مضى، ومضى معه من تحب، وولى..
كل ما حولها لا يملؤ ألم الفقد، وتغيير الأشياء لا يستوعب عبق الصحراء، وشموخ النخل، وجلد السدر، ورائحة الزعفران ودهانه الذي يشع منه لون أفول الشمس ، ومغيبها، وعبق الحنا، ورائحة احتراق القهوة، وغثاء الغنم، وحنين الإبل، وهديل الحمام، وقدوم الضيف، وثقل الحطب، وطعم البثيث بالسمن، وشغف العيش، وموسم التمر، وشعر البادية..
أصابع تريك قصص الجلد، وحنينها الممزوج بقسوة الحرص..
عينها لا ترى فيهما إلا صورهم أولئك الماضون الآتون من بعيد الأمس الراحل تجرهم قوافل الماضي، وذكرايته تجترهم بخطام وجع نأي العمر الذي ربما سرى بهم، أو صبحهم وغيبهم..وخنجر الوقت يحز في بقايا العمر..