بسم الله الرحمن الرحيم
في أحد الأيام وقف رجلاً في وسط القرية ليعلن أن قلبه
هو أجمل قلب في كل الوادي..
وتجمع الناس من حوله، وكلهم أعجبوا بقلبه لأنه كان صحيحاً،
لم يكن به أي علامات
أو شروخ.. واتفق الجميع أنه حقيقة أجمل قلب قد نظروه..
وأحس الرجل بالفخر وأخذ يعلن بصوت عال أنه صاحب أجمل قلب.
وفجأة ظهر شيخ كبير السن أمام الجمهور وقال:
"يا شاب لماذا قلبك ليس له جمال يقارب جمال قلبي ؟ " .
نظر الشاب وكذلك الجمهور على قلب الرجل الشيخ،
كان ينبض بقوة
ولكنه ممتلئ بالندبات، وفيه أجزاء قد أُزيلت
ووُضعت بدلا منها أجزاء أخرى،
لا تتناسب مائة بالمائة مع الأجزاء التي أزيلت،
وهكذا وجدت بعض الحواف الخشنة،
وفى الحقيقة كانت هناك في بعض الأماكن عبارة عن فجوات،
حيث كانت هناك أجزاء ناقصة فعلاً..
حملق جمهور الناس وتساءلوا مندهشين
كيف يمكن لمثل هذا القلب المشوه أن يكون الأجمل ؟ ..
هكذا فكروا
ونظر الشاب لقلب الرجل الشيخ ورأى منظره
فأخذ يضحك، وقال: هل أنت تهزل؟!
"قارن قلبك بقلبي، إن قلبي كامل بينما قلبك
عبارة عن فوضى من الندبات والجروح والفجوات"..
فقال له الشيخ : إن قلبك تام فى منظره،
وأنا لن أنافسك في هذا.. أنت ترى قلبي،
كل ندبة به تمثل شخصاً وهبته حبي، فنزعت جزءاًً من قلبي وأعطيته له،
وغالباً ما يعطونني هم أيضاً أجزاء من قلوبهم،
لتحل في قلبي مكان الجزء الذي قدمته لهم،
ولكن لأن الأجزاء لا تتطابق بالضبط.. لذلك أصبح هناك حفر خشنة في قلبي،
وهذه أنا أعتز بها لأنها تذكرني بالحب المتبادل بيننا..
وأحياناً أنا أعطي جزء من قلبي، ولكن الشخص الذي أعطيه له،
لا يعطيني جزء من قلبه بدلاً منه، وهذه هي الفجوات الفارغة في قلبي..
لأنك أن تقدم حبك لآخر يعنى أنك تعطيه فرصة..
ومع أن هذه الفجوات مؤلمة، فإن بقائها مفتوحا يذكرني
بالحب الذي عندي أيضاً تجاه هؤلاء الناس
وأنا أتمنى أنهم ربما يعودون يوما ويملئون الفراغ وأنا أنتظر ذلك..
وهكذا هل ترى أنت الآن الجمال الحقيقي؟
وقف الشاب الصغير صامتاً بينما الدموع تنهمر على وجنتيه..
ثم سار حتى وصل للرجل الشيخ، وأمسك بقلبه القوي التام والجميل الشكل،
ونزع جزء منه وقدمه للشيخ بيدين مرتعشتين..
قَبِلَ الشيخ منه هذه العطية الثمينة ووضعها في قلبه، ثم أخذ جزء من قلبه
الممتلئ بالندبات وأعطاه للشاب، وتتطابقت القطعة ولكن ليس تماماً،
وهكذا ظهرت حافة خشنة في قلب الشاب.. نظر الشاب في قلبه
الذي لم يصبح تاماً بعد ذلك ولكنه أصبح أكثر جمالاً من أي وقت مضى،
حينما فاض الحب من قلب الرجل الشيخ إلى قلبه..
وهكذا تعانقا ومشيا بعيدا جنبا إلى جنب
منقول لأصحاب القلوب الطيبة ..
دمتم بخير ..