تخطى إلى المحتوى

ضرورة عودة الأنشطة الفنية والاجتماعية للمدارس والأندية والمؤسسات الأهلية

«الدراما المحلية في الإمارات.. رؤى مستقبلية» «الأخيرة»
ضرورة عودة الأنشطة الفنية والاجتماعية للمدارس والأندية والمؤسسات الأهلية

كان شهر رمضان زاخراً بعرض العديد من المسلسلات والأعمال الدرامية المحلية وذلك على العديد من المحطات والقنوات الفضائية المحلية والخليجية والعربية سواء كانت قنوات رسمية أو خاصة، وتابع المشاهدون هذه الأعمال بشغف شديد وبطبيعة الحال تختلف مدى جودة هذه الأعمال الدرامية من عمل لآخر. وتناولت وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة هذه الأعمال بالنقد والتقييم.

ومن أجل ذلك عقدت وحدة الدراسات في صحيفة «البيان» ندوة بعنوان «الدراما المحلية في الإمارات.. رؤى مستقبلية». شارك فيها نخبة من المثقفين والمهتمين بشؤون الفن والدراما في الدولة، حيث جرى مناقشة واقع هذه الأعمال ومدى جودتها والمطلوب لإطلاق حركة درامية تضاهي الأعمال الخليجية والعربية وتتفوق عليها أيضا.

وأكد المشاركون في الندوة أن بدايات الحركة الدرامية في السبعينات وأوائل الثمانينات كانت طيبة وتبشر بالخير نظرا للدعم الرسمي والأهلي للمسرح والحركة الفنية في الإمارات لكن بعد ذلك انتكست الحركة الدرامية في الإمارات لانحسار دور وزارة التربية والتعليم في هذا المجال،

وقد أكد المشاركون في الندوة أن المرحلة الحالية والخطة المستقبلية ستشهد تطورا وارتقاء ملموسا في مجال الدراما والإنتاج الفني بحيث تغدو دبي مركزا للإنتاج الفني في المنطقة مع الحرص الشديد على دعم كل الطاقات الفنية والمواهب الشابة في كل مجالات الإبداع الفني من كتابة نصوص وإخراج وإنتاج وتمثيل.

وننشر اليوم الحلقة الثالثة مما دار في الندوة من مناقشات وآراء، «والبيان» ترحب بنشر الآراء النقدية الجادة والتي من شانها دعم الحركة الفنية في الإمارات بهدف تلافي ما يقع في مسيرتها من أخطاء وهفوات غير مقصودة .

* عبد اللطيف القرقاوي: هدفنا حاليا السعي للاستثمار في العنصر المحلي وتوظيفه في الأعمال الفنية فالمخرج الإماراتي مثلا هو من سيراقب سير العمل واللهجة المستخدمة في المسلسلات ولن يقع في أخطاء إذا ما استعان بممثلين خليجيين أما المخرج غير الإماراتي فقد يقع في مثل هذه الأخطاء والهفوات.

والملاحظ أن الدراما السورية قد تميزت في أعمالها الفنية مؤخرا والدليل على ذلك الاستعانة بمخرج وممثلين سوريين في إنتاج مسلسل «الملك فاروق» وهو مسلسل مصري. كمان أن مفهوم العمل التلفزيوني قد اختلف عن الماضي فعنصر الإبهار هام جدا بالإضافة للتقنية الفنية والأفكار الجديدة ومما يساعد اليوم أن الضيوف أنفسهم يركضون وراء التلفزيون والشهرة وليس معد البرنامج أو مقدمه.

* أ.د محمد المطوع: خبرات الفنانين السابقين وتراكم أعمالهم جعلهم يهتمون بالعمل الدرامي من كل جوانبه ويحرصون على نجاحه، واعتقد أن على وزارة التربية والتعليم إعادة النظر في الجانب الفني والبدء بإنشاء معهد للتمثيل والدراما في إطار خطة خمسية مستقبلية. وتعزيز نشر الثقافة المدرسية في مجال الفنون عامة.

* عبد الاله عبد القادر: هذه النقطة التي آثارها الدكتور المطوع هامة جدا واعتبر الرافد الأساسي للحركة الدرامية بشكل عام من مسرح وإذاعة وتلفزيون، وهناك إشكالية تتحدد في المدرسة والجامعة أيضا. فأفضل من هم يعملون الآن معنا في المسرح هم من فرقة الجامعة والذين تقدموا لنا مثل إسماعيل عبد الله واحمد راشد ثاني وناجي الحاي ومجموعة أخرى من الفنانين الجيدين والذين أصبحوا في صفوف قيادة الحركة الفنية.

وبالإضافة للجامعة فعندنا المسرح المدرسي والذي كان يقدر عدد المشرفين في السبعينات ب 15 فرقة مسرحية بينما تقلص العدد في الثمانينات إلى أن وصل الصفر والآن يصل عدد المشرفين ما بين ثلاثة وأربعة مشرفين مسرحيين في كل أنحاء مدارس الدولة،

ومدارس الدولة الآن زاد عددها وطلابها بينما قل المشرف المسرحي والأمر كذلك بالنسبة للجامعات فعددها بالعشرات وليس من بينها جامعة لديها فرقة فنية سواء للدراما أو المسرح، وحتى النقد غير موجود ولا يدرس كقيمة جمالية فالساحة المحلية تفتقد للناقد العربي والإماراتي في جميع مجالات الإبداع خاصة في الفن والأدب.

* جمال مطر: كان المسرح المدرسي مزدهرا في السبعينات أكثر مما هو عليه الآن وكلنا نتذكر أيام التلفزيون الأبيض والأسود فقد كان يعيد بث العروض المسرحية. لكن المسرح المدرسي انتكس و ضعف اهتمام المدرسين فيه وانعدم الدعم والتشجيع المدرسي له إلى أن اندثر .

مسالة ثانية تهم العمل المسرحي والدرامي وهي التدريب والذهاب في دورات مختصة لصقل المواهب، فنحن نعاني من قلة بل ندرة مثل هذه الدورات فمثلا الكاتبة نجلاء الشحي قامت بكتابة نصوص جيدة في مسلسل «الفريج» وكذلك الكاتب سالم الحتاوي فهو من الأسماء الناجحة والتي بحاجة للتفرغ والاحتراف وإرسالها في دورات للتدريب لإبراز طاقاتهم وزيادتها .

* عبد اللطيف القرقاوي: كانت هناك في البداية مؤسسات أهلية لها باع طويل في العمل الفني والمسرحي مثل الأندية الرياضية أما اليوم فان الجانب الثقافي شبه معدوم في الأندية وعلينا أن لا نلوم فقط وزارة التربية والتعليم فنأمل بان يكون للأندية دورها الفعال في هذا المجال خصوصا وأنها تصرف مبالغ طائلة على اللاعبين الرياضيين

بينما لا تصرف إلا مبالغ زهيدة على الجوانب الثقافية والرياضية ،فيما النشاط الاجتماعي غير موجود اليوم. كما ان المغريات المادية في هذا العصر كبيرة وكثيرة وإذا تركنا قيمنا ومثلنا وإذا لم نعود الأبناء في مجالسنا على هذه القيم فانه لن يتعلمها في المدرسة أو أي مكان آخر، وفي اعتقادي لا بد من عودة النشاط الأهلي ـ الاجتماعي لهذه الأندية

كما كان سابقا وأتذكر ان أعيان البلد وكبارها كانوا يشاركون في هذه الأنشطة في النوادي الرياضية وكانوا يؤلفون ويخرجون أعمالا مسرحية وتمثيلية. وكل العناصر التي كانت تعمل في المجال الفني كانت عناصر إماراتية.

وبالنسبة لمهرجان الشارقة المسرحي ففي اعتقادي انه يكفينا نصوصا عالمية ونصوصا جامدة باللغة العربية فلا بد الرجوع لواقعنا المحلي. وفي فترة من الفترات ازدهر المسرح الكويتي لأنه كان يناقش القضايا المحلية.

ويمكن ان تزدهر الدراما والحركة الثقافية إذا عالجت قضايانا المحلية مع الإيمان بالكادر الإماراتي والتعامل مع البيئة الإماراتية وخلال فترة وجيزة كما ان دور وزارة التربية كبير ونحن لا نريد منها إنشاء معهد فهي موجودة في كل مكان ولكن ما نريده هو ان تكون حلقة وصل لعرض الأعمال المسرحية والفنية في قاعاتها وعلى مسارحها.

مسألة أخرى نرغب بان تتم في عملنا الفني والدرامي وهي مسالة الاحتراف والتفرغ، بمعنى ان يتفرغ الكاتب والممثل والمخرج لعمله الفني ويترك الوظيفة وعندها سيتم الوصول إلى أعمال أفضل من كل النواحي وفي الأوقات التي نحددها ونريدها، فانا مثلا لا يمكن ان اطلب من كاتب نص ان يؤلف نصا مطلوبا منه وهو في الوقت نفسه على رأس عمله في وظيفته الرسمية.

* سميرة احمد: تعليقا على ضرورة التوجه للمدارس لعرض وتسويق أعمالنا الفنية فان وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع يمكن ان تتوجه فعليا للمناطق التعليمية بالتعاون مع وزارة التربية لإعادة النشاط المسرحي إلى المدارس وعرض الأعمال الفنية في المدارس أو على الأقل «نمسرح» المناهج المدرسية، وهذا ما تسعى وتخطط لتنفيذه وزارة الثقافة حاليا حيث بدأنا بمخاطبة المناطق التعليمية والمدارس لتشجيع من يحب من الطلبة للمشاركة في الأنشطة المسرحية والفنية.

المسالة الأخرى التي نعاني منها وارغب في الحديث عنها هي الافتقار لوجود الجيل الثاني من الممثلين الشباب مما يظطرنا للوجود إلى العناصر الخليجية للاستعانة بها في أعمالنا الدرامية المحلية وهنا لا يتم أحيانا مراقبة ضبط اللهجة.

ومسالة فنية أخرى عانينا منها في أعمالنا الدرامية التلفزيونية تتمثل في عدم تسخير الكاميرا للمثل وإنما الممثل هو الذي يسخر للكاميرا وهذه المشكلة تقع على عاتق المخرج. وقد عملت مع مخرجين خليجيين ارتحت للعمل معهم لأنهم كانوا يقولون لي انسي الكاميرا وهي ستتبعك ولا تشغلي بالك فيها .

وبالنسبة لمسالة التفرغ التي أشار إليها الأستاذ عبد اللطيف فقد تم توقيع اتفاقية التفرغ من قبل المجلس الوطني لتشمل الفنانين والرياضيين إذا اقتضت الحاجة لذلك، وقد أخطرنا بها كمسرحيين.

* عبد الاله عبد القادر: هناك إشكالية متممة لكل ما تفضل به الإخوة في جانب الدراما والأعمال التلفزيونية تتمثل في عدم تطوع أي شاب إمارتي من 10 سنوات للذهاب في بعثة دراسية للخارج وكان اخرهم ابراهيم سالم وحميد سمبيج اللذان تخرجا كمتخصصين في الدراما وبعدها لم يتقدم احد لدراسة الدراما خارج الدولة مع ان البعثات كما ذكرت الأستاذة سميرة.

ولعل أهم أسباب ذلك تعود للعوامل المادية حيث يعمل الخريج في أعمال خارج نطاق دراسته وباجور غير منافسة، لأنه يتوجه إلى سوق العمل ويحصل على مزايا مادية جيدة في غير مجال تخصصه الدراسي.

ومثال ذلك حبيب غلوم ومحمد يوسف وغيرهما واللذان حصلا على الدكتوراه في المسرح والفنون فما الذي استفاداه من دراستهما ماديا ؟ ان الفائدة قليلة لذلك فالطموحات قلت كثيرا لدى الشباب فما عادوا يذهبون لدراسة الدراما ومنهم من أثر دراسة التجارة والإدارة لسهولة وجود الوظيفة عند التخرج.

* أ.د. محمد المطوع: اعتقد ان الخريج الموهوب في المجال الفني إذا أعطي الحوافز وابرزناه وأعطي أيضا فرصته في العمل سوف ينتج اعمالا رائعة ومشهودا لها، ويمكن عنها خلق 20 محمد سعيد حارب آخرين، ويجب ان تكون لدينا خطة تشارك فيها مؤسسات التعليم وجمعيات النفع العام والجمعيات الأهلية لدعم الكوادر النشطة والمميزة في الدراما والمسرح والأعمال التلفزيونية .

* عبد اللطيف القرقاوي: لقد خضنا تجربة هذا العام فبالإضافة للنجوم اللامعين فقد استقطبنا في أعمالنا الدرامية نجوم الصف الثاني والثالث وأتحنا لهم الفرصة للعمل معنا وكانت هذه تجربة ناجحة وهذه من إحدى الخطط التي نعمل على تنفيذها ونحن نتقبل منهم الأخطاء التي يمكن ان يقعوا فيها أثناء عملهم.

وكان عندنا في سما دبي اكتفاء ذاتي وهذا قلما كان يحدث في دولة عربية أخرى غير مصر. وقد بادرنا إلى تطوير مسلسل «شعبية الكرتون» وزيادة مدته إلى 8 دقائق بعد ان كان دقيقة واحدة وقد حقق نجاحات عظيمة. ونحن نقوم بدراسة ودعم الأعمال الناجحة وتطويرها.

ونبشركم أننا في رمضان القادم سنتناول احد الشعراء الإماراتيين الذين كان لهم باع طويل في مجال الشعر المعاصر في الإمارات، ونحن نعمل خلال عامين على إخراج هذا العمل. وعلينا ان ننطلق من أعمالنا المحلية وبيئتنا الإماراتية في مواجهة الغزو الثقافي والغث الفضائي الذي نتعرض له من كل اتجاه.

* سميرة احمد: للأسف الشديد نتعرض من قبل بعض الصحافيين الإماراتيين بنقد لأعمالنا الدرامية التي عرضت في شهر رمضان من هذا العام وان الدراما المحلية والخليجية شوهت الواقع وأنها كانت خيالية وفيها مغالطات وهذا حز في أنفسنا ويا ليت انه تم إعطاؤنا بعض النقاط الواضحة والمحددة لهذه الأخطاء والمغالطات وبيان الضعف في أعمالنا حتى نتلاشاها إذا وجدت.

ونرجو من الأخوة الصحافيين أن لا تكسر مجاديفنا وان لا يكون النقد هداما بل بناء. ونحن لسنا ضد أي نقد يهدي لنا عيوبنا ويكشفها لنا خصوصا وان الفنان الإماراتي يدعمه رسميا شخصيات كبيرة وهيئات حكومية.

* عبد اللطيف القرقاوي: في اعتقادي انه علينا تقبل النقد من أي شخص غيور ومن يمس أي فنان أو ناقد أو صحافي إماراتي فهو يمس المجتمع الإماراتي وكلنا أخوة ولا ندعي أننا في المدينة الفاضلة

ونسعى نحو الإنتاج الجيد ومن الطبيعي أن نقع في أخطاء ونعترف ونقر بها ونتمنى أن لا تتكرر واعتقد انه لا ينتقدنا إلا من يغار علينا لكن عملية الأسلوب والطرح هي موضع الاختلاف فقط. كما أن العمل الذي قامت به أستاذة سميرة كان ناجحا ولاقى صدى إماراتيا وعربيا طيبا.

* أ.د. محمد المطوع: نحن نعتز بكم كلكم كفانين إماراتيين واعتقد من تعرض لكم بالنقد عبارة عن وجهة نظر شخصية لا تمثل أي جهة رسمية وإنا كنا نحترم وجهة النظر هذه فنحن نؤكد على أنها وجهة نظر شخصية ولا تمثل إلا صاحبها. وفي النهاية نشكر لكم حضوركم ومناقشتكم لهذه القضايا الحيوية والهامة.

المشاركون

* عبد اللطيف القرقاوي: مدير قناة «سما دبي»

* سميرة أحمد: ممثلة

* علي عبيد: كاتب ـ عضو مجلس دبي الثقافي

* جمال مطر: مؤلف ومقدم برامج

* عبد الإله عبد القادر: كاتب وناقد مسرحي

أدار الندوة: أ.د محمد المطوع

الإعداد والتحرير: موسى أبو عيد

تصوير: محمد شاهين

الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.