دمج المدارس «مطب صناعي» أمام معلمي رأس الخيمة
تعاني بعض مدارس رأس الخيمة ورياضها من كثافة عالية تجاوزت في بعض الحالات الحد القانوني المسموح به في لوائح وزارة التربية والتعليم، خاصة في روضة العبير حيث من المفترض أن يضم الفصل العادي 20 طالباً كحد أعلى، إلا أن قرار دمج روضة الأجيال الواسعة في روضة العبير الضيقة، بدلاً من العكس، جعل العدد يرتفع إلى 25 طالباً في فصل يعد استثنائيا نسبةً لمساحة فصول الرياض الأخرى، حيث لا يكفي لأكثر من عشرة أطفال.
وناشد مجموعة من أطفال ومعلمات روضة الأجيال الوزارة إعادة النظر في وضع روضة الأجيال، نتيجة سوء الأوضاع في روضة العبير لخلوها من المرافق المختلفة المتواجدة بكثرة في الأجيال، إضافة لسعة المساحة التي تسمح للأطفال بالحركة الطبيعية والتعلم في بيئة صحية، وهو ما دفع المختصين في الوزارة العام الماضي لاختيارها مشروع تطوير رياض ثاني في رأس الخيمة، وزودوها بالأدوات والأجهزة.
مفاجأة مفزعة
وقالت فاطمة الحديدي مديرة روضة الأجيال سابقا والعبير حالياً، إنهم تلقوا مفاجأة مفزعة غيرت أحوال روضتهم المميزة التي كان من المفترض أن تتحول لتميزها إلى تطوير رياض، فبعد تسلم الإدارة قرار دمج روضة العبير صغيرة المساحة والطلبة والمعلمات إلى روضتنا تم تجهيز الأماكن الخاصة بهم وفق المعايير، وإمكانات روضتنا الكبيرة من حيث الأجهزة والمرافق حيث يتواجد مطعم منفصل وصالة داخلية وخارجية للعب الأطفال، عدا مساحة الفصول ذاتها الكبيرة التي تهيئ أفضل جو مرح ودراسي للطلبة، تفاجأنا بعكس القرار واستلمنا أمرا بأن يتم نقلنا نحن وطلبتنا إلى روضة العبير بدعوى قدم المبنى المدرسي.
وتشير فاطمة إلى أن المشكلة تكمن في صغر مبنى مدرسة العبير، إضافة لقلة فصولها وعدم تواجد أماكن تعليمية وترفيهية للطلبة بالصورة التي تتواجد في روضة الأجيال، فقاعة الفصل التي تضم ثلاثة فصول داخلها صغيرة ولا تكفي عشرة أو خمسة عشر طفلا، بل إن الفصل في روضة الأجيال اكبر من ساحة لعب الأطفال في روضة العبير، هذا طبعا دون احتساب أدوات التعلم الكثيرة المتواجدة عادة بفصول رياض والتي يتم العمل بها في معظم رياض الأطفال كالمكتبة وركن الألعاب الإدراكية والركن العلمي والركن الزراعي الذي يتواجد مكان مخصص له في الروضة القديمة وينعدم في الجديدة.
عجز الإمكانيات
وتؤكد خديجة احمد معلمة رياض الأطفال في روضة الأجيال أن ظروف المبنى الجديد، سوف يمنع أداء العديد من المهمات التي تعود بالفائدة التعليمية والتثقيفية بل والمرح على الأطفال، كالسلوكيات التي نحرص علي تعليمها لطلبتنا في رياض الأطفال، كفصل دورات مياه الذكور عن الإناث والذي يمكننا المبنى القديم منه.
وهذا الأمر غير ممكن في مبنى مدرسة العبير الذي يحتوي ذات الدورات للذكور والإناث، ولا يوجد به مكان مخصص لتقديم الوجبات التي كنا نقدمها لهم من قبل، ما يعني أن يتم استخدام الفصل نفسه لتقديم الوجبات والتنظيف بعدها، بل ومشاهدة أجهزة التلفاز واللعب في الألعاب القليلة التي سيتم جلبها من روضة الأجيال بسبب عدم تواجد أماكن لها في روضة العبير.
وتتحسر أمينة مكتبة روضة الأجيال عائشة راشد على المكتبة الكبيرة والملحق بها غرفة للألعاب، المتواجدة سابقا في الأجيال والتي تنعدم في العبير، ما يحرمها من ممارسة المهنة التي تحبها لضعف الإمكانيات، رغم تواجدها في مكان قريب، تصر الجهات المختصة بعدم صلاحيته لبقاء الأطفال رغم كل إمكانياته الكبيرة التي تفيد الطلبة والمعلمات والدولة مستقبلاً.
حسابات منسية
وقالت ناعمة إبراهيم النعيمي مديرة مدرسة نورة بنت سلطان للتعليم الثانوي، إن مدرسة نورة كانت تضم 17 فصلا العام الماضي لكل من الصف العاشر والحادي عشر والثاني عشر بفرعيه العلمي والأدبي، وتم تقليص هذا العدد إلى 13 فصلا هذا العام بالرغم من زيادة عدد الطالبات عن العام الماضي، ما أسفر عن توزيع ما يصل إلى 34 إلى 35 طالبة في كل من القاعات الدراسية.
وبينت أن الجهات المختصة حددت هذا الرقم بناء على عملية حسابية حسبت فيها عدد الطالبات وقسمته على عدد الفصول ثم حسبت نصاب المادة وفق الفصول الموجودة وظهرت النتيجة التي اخذ بها، لكن الواقع يقول إن الأجهزة الحسابية والكمبيوتر لا تستطيع قياس الحاجات الإنسانية والتعليمية، فهي لا تراعي طبيعة المرحلة التي تمر بها الفتيات من الناحية الجسمانية والنفسية، بل وحتى طبيعة الفصول الدراسية الصغيرة، مع المرافق الأخرى كالمختبرات مثلا، التي لا تكفي في الأصل ل25 طالبة فما بالكم بال35!
وذكرت فاطمة يونس أمينة مختبر الفيزياء والأحياء في مدرسة الصباحية الثانوية والتي ستستقبل كذلك 35 طالبة في فصول الصف العاشر مع بدء العام الدراسي، أن نظام المختبرات العلمية في المدرسة لا يستوعب في الأصل 25 طالبة فما بالكم ب35 طالبة، لأنها معدة على شكل U ما يحد من إمكانية جلوس طالبات أخريات بل وحتى المشاركة في الاختبارات المعملية، خاصة أن مساحة المختبر في الأصل صغيرة جداً.
وأضافت أن كل تجربة علمية تحتاج إلى خمس طالبات فقط لعملها وملاحظتها، وإذا كان الفصل يحتوي 35 طالبة فهذا يعني أن تقسم الفتيات لسبع مجموعات تؤدي التجارب، ومدة الحصة الزمنية لا تكفي في الأصل لأداء عدد قليل من التجارب فما بالكم بسبع تجارب عدا الأجهزة كالمجاهر التي لا تكفي الجميع للاستخدام والملاحظة، وكل هذا الضغط سيؤدي في النهاية إلى ضياع الهدف من الاختبارات العملية والتي تدخل ضمن درجات التقويم حيث تختبر الطالبات في ست تجارب، أي أن عليهن تحقيق اكبر فائدة خلال حصة التجربة، وهذا الأمر الذي يصعب تحقيقه إذا بقى الأمر على هذا الحال.
التطلع للأفضل
وقالت سلوى مديرة مدرسة الصباحية الثانوية للبنات إن النظرة نحو تحقيق معايير عالية في التعليم، تقول بان يتم التقليل من أعداد الطلبة داخل الفصول، والنسبة المطروحة في المدرسة حاليا خاصة للفصل العاشر الذي تم تقليل فصوله وزيادة كثافته إلى 35 طالبة، لا يسهل علينا مهمة تحقيق أفضل النتائج التعليمية، ما دفعني لرفع أكثر من رسالة إلى الجهات المسؤولة لإعادة النظر في هذا الأمر، إلا أنني لم أتلق أي رد بحل الموضوع.
وقال خميس سعيد خميس الشحي رئيس قسم الموارد البشرية في منطقة رأس الخيمة التعليمية، إن واقع الكثافة الفصلية داخل بعض فصول مدارس رأس الخيمة، يأتي في إطار القانون الرسمي الذي سمح بان تكون كثافة المدارس الثانوية 35 طالبا في الفصل كحد أقصى، إضافة إلى أن توزيع الطلبة جاء بعد أن تم معاينة واقع المدارس عبر لجنة مختصة تفقدت المباني وسمحت بهذا الدمج.
وذكر أن مشكلة روضة الأجيال هي مشكلة خاصة وذات خصوصية، فمبنى الأجيال مبنى مدرسي قديم رغم تعدد إمكانياته عن مبنى روضة العبير التي تعتبر وقفا خاصا للتعليم، ما جعل معايير بنائها مختلفة عن مباني رياض الأطفال الأخرى ما يستدعي تغييرها مستقبليا أو توسيعها، وعن العدد الكبير للأطفال داخل الفصل بين أنهم عازمون على زيارة المبنى للتحقق من هذا الأمر، وسينظرون في الحلول التي تقلل كثافة الأطفال داخل الفصول.
وأشار إلى أن الوسائل التعليمية المتوفرة حاليا في المدارس، تعتبر أفضل معين للمعلمين لأداء مهماتهم بالرغم من كثافة الطلبة، خاصة مع تغير النظرة إلى التعليم حيث لم يعد المعلم هو محور العملية التعليمية بل الطالب نفسه وأصبح دور المعلم تنظيميا في العملية التعليمية.