تعول الكثير من الإدارات المدرسية الخاصة على القانون الجديد الذي سيتولى فيه مجلس الوزراء تنظيم التعليم الخاص ملغيا بذلك مرسوم القانون الاتحادي رقم 28 لسنة 1999 في شأن التعليم الخاص والذي اعتبرته إدارات مدرسية غير مناسب مع المستجدات التي طرأت بشكل متسارع الوتيرة في الخمس سنوات الماضية.
وقال إبراهيم بركة مدير مدرسة الشعلة الخاصة إن قانون عام 1999 لم يعد مواكبا للتطور التعليمي والتكنولوجي والمعرفي الذي تنشده الدولة، ولم يعد قادرا على اللحاق بالبيئة الاجتماعية والتركيبة السكانية، والمفاهيم التربوية العصرية، مشيرا إلى أن القانون القديم لم يتم مراعاة رأي الميدان فيه، أو أطراف العملية التعليمية سواء مدراء المدارس الخاصة أو المعلمين وكذلك أولياء الأمور، لذا كان قاصرا في جوانب عدة.
وشدد على ضرورة أن يراعي القانون الجديد منح صلاحيات أوسع لمدير المدرسة وإعادة الهيبة للمعلم. وأضاف بركة أن الإدارات المدرسية في المدارس الخاصة أصبحت مكبلة الأيدي وتبحث عن استقلالية وثقة أكبر من التربية، وفق نظم وقوانين واضحة توضح الحقوق والواجبات على كل طرف من أطراف العملية التعليمية المرتبطة، مشيرا إلى أنه قد حان الوقت لإعطاء استقلالية أكبر للمدارس، والتعامل معها بثقة أكبر بعيدا عن الازدواجية في التعامل بين مدرسة وأخرى.
وذكرت سوسن عبد الفتاح مديرة مدرسة الشارقة الدولية الخاصة أن القانون الجديد سيحمل الكثير من الآليات التي ستعمل بلا شك على تنظيم آليات العمل في التعليم الخاص لأنه يحتاج إلى قوانين أكثر شدة تحكمه وتحفظ حقوق جميع الأطراف، داعية إلى الأخذ بعين الاعتبار الاهتمام بالشروط الخاصة لتعيين الهيئات التدريسية في المدارس الخاصة واعتماد شروط كتلك التي تعتمدها الوزارة عند انتقاء الكوادر العاملة في مدارسها، مع تحديد سقف الرواتب للمدرسين وهي إحدى المشاكل التي تثقل وتربك المدارس الخاصة.
وقالت إن العقود الموحدة التي وزعتها الوزارة على المدارس لا تزال مليئة بالثغرات وتحتاج من خلال المرسوم الجديد إلى ضوابط ملزمة تمنع المدرس من ترك وظيفته دون إخطار إدارة المدرسة أو منحها مدة لا تقل عن شهر لاختيار البديل، مشيرة إلى أنها اضطرت هذا العام وبعد إعداد جداول الدراسة إلى تغييرها والوقوع في حالة من التخبط عقب إبلاغ معلمات لها بنية ترك المدرسة لأسباب متعددة. واعتبرت عدم وجود قانون ملزم يجنب المدارس مغبة الوقع في شرك الفوضى غلطة كبيرة تستوجب تداركها من قبل المسؤولين والقائمين على صياغة القانون الجديد.
حقوق الطرفين
ودعت مديرة مدرسة الشارقة الدولية إلى منح المناطق التعليمية صلاحيات لاتخاذ قرارات للمدارس الخاصة لان السلطة بيد الوزارة والمناطق التعليمية هي الأكثر دراية بواقع المدارس التي تقع في نطاق إمارتها، مشيرة إلى أن طلب زيادة رسوم يجب أن توافق عليه الوزارة مع العلم أن بعض المدارس كمدرستنا لم ترفع المصروفات المالية على طلبتها منذ احد عشر عاما ورغم غلاء المعيشة الذي طال مختلف الجوانب إلا أننا راعينا ظروف الطلبة واعتقد عند المطالبة بذلك تمر المسألة من خلال قنوات وزارية والمنطقة ليست سوى طرف يبلغنا بقبول أو رفض الوزارة.
وتمنت أن يتضمن القانون بنودا تضمن حق المدرسة في مستحقاتها المالية لان الكثير من أولياء الأمور يتنصلون من الدفع ويقدمون شيكات بدون رصيد وتدخل المدرسة في صراع معهم خاصة إذا تجاوبت مع مدرسة أخرى وسجلت أبناءه دون شهادة انتقال وهو ما نتمنى من خلال المسؤولين ايلاء هذه النقطة أهمية قصوى لان بعض القوانين يتم خرقها دون أي عقوبات رادعة.
وأثنى نائب مدير مدرسة عجمان الخاصة على هذا القانون واصفا إياه بالضروري خاصة في ظل التغيرات والتطورات التي شهدها حقل التعليم في الآونة الأخيرة لاسيما بعد أن تبوأت المدارس الخاصة أهمية اكبر عقب قرار إقصاء أبناء الوافدين من المدارس الحكومية وإرجاع نسبة ضئيلة منهم وبشروط دقيقة.
مضيفا أن القانون السابق خدم التعليم الخاص لفترة محددة إلا انه بحاجة إلى إعادة صياغة تتلاءم مع الواقع الحالي وما استجد عليه من أمور ايجابية وأخرى سلبية متمنيا أن يعالج المرسوم الجديد أوجه القصور التي يعيشها التعليم الخاص في الوقت الراهن كسن قوانين وآليات تنظم عملية اخذ الاستحقاقات المالية بشكل يضمن حقوق الطرفين الطلبة والمدرسة لان القوانين المعمول بها لا تحمي المدارس الخاصة بالشكل الكافي.
مستحقات المعلم
واعتبر عادل أبو نعمة مدير مدرسة ابن خلدون في الشارقة أن احد أهم الأولويات التي يجب أن توضع في الحسبان هي حفظ حقوق المعلم التي تهدر بشكل يومي في أروقة المدارس برفع راتبه والاهتمام بانتقاء نوعية المعلم لان المخرجات التعليمية في غالبية المدارس الخاصة متدنية بسبب ضعف إمكانيات المدرسين فيها، متمنيا إيجاد صيغة جديدة تنظم العلاقة بين أصحاب التراخيص والعاملين في المدارس من خلال عقود عمل محددة يعرف بموجبها الطرفان حقوقهما وواجباتهما.
وتحدث أبو نعمة عن ضرورة مراقبة المناهج الدراسية وتشكيل لجان من وزارة التربية والتعليم للقيام بهذه المهمة خاصة في المدارس التي تتبع مناهج بريطانية وأميركية نتيجة كثرة الأخطاء والتجاوزات التي تطال في بعض الأحيان ثوابتنا الدينية والاجتماعية والتي تدرس للطلبة.
حاجة ملحة
وقال محمد حسنين مدير مدرسة الكمال الخاصة إن قانون التعليم الخاص لعام 1999 أصبح قديما للغاية، لا يتماشى مع التطورات والتوسعات الهائلة على التعليم الخاص، خاصة أن عدد المدارس وأعداد الطلبة ازدادوا أضعافا مضاعفة خلال الثماني سنوات السابقة، مشيرا إلى أن أكثر ما كان يربك المدارس الخاصة حالات تنقلات المعلمين المفاجئة بين المدارس، والتي باتت تحتاج إلى قانون ينظم انتقال المعلمين وفق معايير وشروط محددة، لأنها قد تربك المدارس وخاصة إذا حدثت خلال العام الدراسي وليست في نهايته.
وأضاف أن أي قانون جديد سيعول عليه الكثير، في شأن تنظيم العلاقة بين أطراف العملية التربوية المتعلقة في المدارس الخاصة فقد باتت الحاجة ملحة لتنظيم العلاقة بين وزارة التربية والمدارس الخاصة، والتنسيق فيما بينها بالمناهج التي تنتشر في بعض المدارس دون رقيب أو حسيب، كذلك ينبغي تنظيم العلاقة بين المدرسة وولي الأمر وبين الإدارة والمعلم، وبين الطالب والهيئة الإدارية والتدريسية في المدارس، مشيرا إلى أن الإدارات والمعلمين في المدارس الخاصة يتطلعون إلى تعديل لائحة السلوك، لإعطاء صلاحيات أوسع للمدرسة في ضبط سلوك الطلبة.
وطالب مصطفى الموسى مدير مدرسة المعرفة الخاصة باعتماد اللامركزية ومنح صلاحيات واسعة للمدارس الخاصة مشيرا إلى أن بعض المدارس لا تملك قرار تنظيم رحلة للطلبة أو إقامة حفل دون الرجوع للوزارة، والحصول على موافقة منها، مما يعرقل الكثير من الأنشطة والفعاليات التي تعتزم المدارس تنظيمها في المدارس، مشيرا إلى أن المدارس الخاصة باتت تحتاج إلى لائحة لتنظيم ما يسمى باعتماد المدارس وذلك من مؤسسات معترف بها.
جاء في وقته
قال سليمان سالم الجميع رئيس قسم التعليم الخاص بالفجيرة إن لائحة التعليم الخاص أصبحت قديمة وبحاجة إلى تعديلات جوهرية، مشيراً إلى أن القانون جاء في وقته تماماً، لنظراً للقصور الواضح في القانون القديم الذي لم يعد مواكباً للتطورات الكبيرة التي حدثت في كافة مناحي الحياة وبخاصة التعليم، مشيراً إلى أن المدارس الحكومية أصبحت تغير من نظامها ومن قوانينها واستراتيجية التعليم فيها، وخاصة فيما يتعلق بمدارس الغد، لذا فإنه لا بد من تغيير القوانين المتعلقة بالمدارس الخاصة التي لا يقل عدد طلابها أو أهميتها عن المدارس الحكومية، بل انها أصبحت شريكا لا يمكن أن يستثنى من منظومة التطوير التعليمي الذي تنشده وزارة التربية والتعليم.
استنزاف أولياء الأمور
أشار محمد إبراهيم معلم اللغة العربية إلى وجود بعض المدارس الخاصة التي تستغل الثغرات الموجودة حالياً في قانون التعليم الخاص من أجل استغلال حاجة المعلمين وكذلك استنزاف أموال أولياء الأمور، مؤكداً على أن غياب دور الرقيب عن هذه المدارس يشجعها على مواصلة هذه التجاوزات لذا فإن الحاجة ملحة إلى وجود أداة رقابية فاعلة تضبط عمل هذه المدارس وتساعدها على أداء دورها على الوجه الأكمل.
متابعة: نورا الأمير
فراس العويسي