تخطى إلى المحتوى

صراع مع الماضي …

  • بواسطة

أخذت تستنطق الماضي بكل ما أوتيت من قوة تودي به يمنة ويسرة فتارة تأخذ بتلابيبه وتدفعه بكل إحباط نحو الحائط ، ترجو هلاكه ولكنه يعاود الكرة في الوقوف ساخراً مستهزئاً بضعفها وقلة حيلتها وكلما وجدت هذا التهاون منه بمشاعرها وأحاسيسها اتخذت زاوية منعزلة في ذلك المكان المظلم تبكي وتنتحب وكأني بها تستجمع ما تبقى من قواها لتعاود الهجوم على ذلك السارق ـ في نظرها ـ من سرق منها البسمة والسعادة والحرية …!
ولكن يا ترى أنى لها الانتصار وتلك الحشود الهائلة من أنصار الظلم تجوط بغريمها إحاطة السوار بالمعصم ؟!!!!!!
وبينما تلك المسكينة في أوج عراكها إذ برز لها ذلك الضوء البراق تتوسطه ابتسامة رائعة لشيخ عجوز ابيض شعر لحيته ليزيد ذلك البياض من وجهه نوراً وبهاءً .. أخذ يدنو منها خطوة خطوة وهي لا تحرك ساكناً ..
أمسك بيدها ومسح على وجهها ثم قبّل جبينها وقال : ألست فلانة ؟
ارتبكت لرؤيتها منه ذلك الحنان الذي لم تعهده من قبل ، فتلعثمت ولم تستطع أن ترد عليه فأومأت برأسها إيجاباً ، تبسم الشيخ وقال : فمالي أرى العراك ـ صغيرتي ـ يلوح بيده منتصراً جزلاً بينك وبين الماضي ؟!
هذه المرة أحست أن الكلمات تدافع شفتاها تلومها على صمتها فأرادت أن تندفع بالحديث إليه تشكو همها وتبوح بسره ولكن الشيخ هدا انفعالها بأن وضع يده على فمها وقال : أعرف أنه قد حرمك الكثير ولكن أتستطيعين أن تخبريني مالذي ستجنيه من عراكك معه ؟ ستقولين القصاص والانتقام فأقول وماذا بعد؟! أيرد إليك بسمتك وسعادتك ؟ ـ كلا حبيبتي ـ أنت لن تحققي شيئاً من ذلك فاتركيه واطرحي أمره جانباً ، عليك بيومك لا تضيعيه وابني لغدك مما يحقق لك السعادة الأبدية ..
إذا قمت في الصباح فانظري إلى الشمس بثغرها الباسم كيف عفت عن القمر الذي سلب منها حضورها بالأمس وكيف انتصرت عليه بعفوها؟!!!
تبسمت المسكينة وعلها عبرت بابتسامتها تلك عن الأمان والطمأنينة اللذان غمرا قلبها وفكرها .. ربت الشيخ على كتفها واستأذنها بالرحيل ..
رفعت يدها لتلوح له ثم لم تلبث أن استوقفته قائلة : ياشيخ من أنت ؟
تبسم وقال : …أنا الأمل …

ـ تمـــــــــــــــــت ـ

الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.